مساء اليوم، نشرت وسائل إعلامية عبرية عن بلورة اتفاق نهائي بين تركيا والكيان الصهيوني يقضي بإعادة تطبيع العلاقات بين الجهتين بعد قطيعة سياسية استمرت لحوالي ستة سنوات، بعد هجوم البحرية الصهيونية في الحادي والثلاثين من مايو 2010 على سفينة "مافي مرمرة" التركية التي كانت تبحر نحو قطاع غزة ضمن أسطول الحرية الذي هَدِفَ لكسر الحصار عنه، استشهد تسع متضامنين أتراك أثناء الهجوم الصهيوني، وأدى إلى قطع العلاقات الديبلوماسية بين الحكومتين التركية والصهيونية.
استعراض للأحداث:
ماذا حدث بعد الهجوم؟
بخلاف قطع العلاقات، تزايدت قوة العلاقة بين حركة حماس وحكومة العدالة والتنمية التي تحكم تركيا منذ سنوات طويلة، استخدمت تركيا هذه العلاقة كورقة ضغط على كيان الاحتلال، بالطبع، هناك حدود لا يستطيع الأتراك تخطيها، ولذا عندما صرَّح أحد قادة حركة حماس المقيمين في تركيا علناً بتمويل حركته لعملية خطف المستوطنين الثلاثة في الخليل في الثاني عشر من يونيو 2014، وقعت الحكومة التركية في حرج وخطر اتهامها باحتضان داعمين وممولين لـ "الإرهاب". أيضاً وضعت تركيا فيتو على مشاركة قوات الجيش الصهيوني في مناورات الناتو، وقام مراد علمدار (بولات آلمدار .. بالتركي) بعملية انتقامية واسعة قام خلالها بتجنيد جيش فلسطيني صغير بأسلحة مسروقة من مخازن "إسرائيلية" ودمر مطاراً عسكريا لقوات الاحتلال وهيكا يعني .. آه .. كاد ميماتي أن يفقد حياته خلال العملية بسبب رصاصة سببت له نزيفاً حاداً وكادت أن تسبب له تسمماً بالتيتانوس.
ماذا حدث أيضاً؟ أجل .. قام رجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء السابق والرئيس الحالي لدولة تركيا والمصاب بحساسية تجاه الصحافيين والأغاني الساخرة منه خصوصاً المُغنَّاة بالألمانية، بالإكثار من ذكر اسم فلسطين وغزة خلال المهرجانات الانتخابية التي أقامها العدالة والتنمية قبل عدة أحداث انتخابية خلال السنوات الماضية، سواء الرئاسية أو البرلمانية أو البلدية، والتي انتصر فيها العدالة والتنمية جميعاً.
اليوم قامت الحكومة التركية بتجاوز الماضي وفتح صفحة جديدة للعلاقات بينها وبين الحكومة الصهيونية. خلال الفترة الماضية راهنت قيادات من حركة حماس على تركيا ومفاوضات إعادة تطبيع العلاقات التي تجريها مع "الاسرائيليين" وذلك لأن تركيا وعدت سرّاً وعلانيةً بأن أحد أهم شروطها لإنجاز هذا الاتفاق هو رفعٌ كاملٌ للحصار عن غزة وبناء ميناء بحري بالإضافة إلى أخبار تحدثت عن وصاية تركية على القطاع لم تُحدد معالمها بشكل واضح، وقد أعلنت كل من مصر وحكومة سلطة أوسلو رفضها القاطع لها، في الواقع، كان قادة حماس يشعرون بالحماسة الشديدة بخصوص المفاوضات لدرجة أنهم كانوا يتوكلون بالتصريح لوسائل الإعلام بخصوص تقدمها وتفاصيلها. وبأي حال، فكل هذه الوعود السرابية راحت أدراج الرياح - على ما يبدو - وقد تم الاتفاق بين الطرفين بحسب الاعلام العبري بدون أي ذكر لغزة والحصار المفروض عليها ولا الوصاية الأمنية للأتراك التي تم الحديث عنها.
لكن، ماذا تريد تركيا من غزة، وماذا تريد من "إسرائيل"؟ ولماذا تعتبر تركيا إعادة تطبيعها للعلاقات مع كيان الاحتلال أمراً ضرورياً؟
أجل .. تركيا ترى تطبيع العلاقات مع كيان الاحتلال أمراً حيوياً وضرورياً، لقد ساعدت تركيا بالدفع نحو إنجاح المفاوضات خطوةً للأمام برفعها للحظر المفروض على مشاركة الجيش الصهيوني بمناورات الناتو والحظر المفروض على انشاء مكتب دائم لكيان الاحتلال لدى الناتو أيضاً، لا ننسى الكيان الصهيوني قام بالاعتذار للحكومة التركية عن الهجوم على مافي مرمرة ووعد بدفع تعويضات لعائلات الشهداء الذي سقطوا خلال الهجوم على السفينة، وربما كان هذا الإعلان هو السبب الرئيسي لبداية مفاوضات استئناف العلاقات الثنائية بين الجهتين مرة أخرى.
لم تُقدم بعد إجابة على السؤال الذي طُرح قبل الفقرة السابقة، لماذا تعتبر إعادة العلاقات مع كيان الاحتلال أمراً ضرورياً للحكومة التركية؟
أظن أن أول ما سيقفز للذهن عند التفكير بإجابة هذا السؤال هو الحديث عن ضغوطات أمريكية وأوروبية على تركيا لإعادة علاقاتها مع كيان الاحتلال، لكن هذه التدوينة ستفضل أن تقوم بمشاركة القارئ بمعلومات عن تفاصيل لاتفاقات سابقة تمت صياغتها بشكل مبدأي بين الحكومتين التركية والصهيونية تُعطي مثل هذا الاتفاق بعداً اقتصادياً مهماً.
المنطقة الصناعية في ترقوميا (الخليل):
في شهر مارس من العام 2008 وأثناء اجتماع تفاوضي عُقد في القدس بين ثلاثة أطراف، كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية، إيهود باراك وزير الدفاع الصهيوني، سلام فياض رئيس وزراء سلطة أوسلو، طُرح مشروع إنشاء المدينة الصناعية في بلدة ترقوميا (جنوب الضفة الغربية - محافظة الخليل) .. تم تقديم هذه المنطقة الصناعية الجديدة باعتبارها مشروعاً سيساهم في بناء الثقة بين سلطة أوسلو وكيان الاحتلال وقامت اللجنة الرباعية بالترويج لها باعتبارها مشروع ذو تأثير سريع على خطة سلام فياض التنموية. هذا المشروع، ستقوم تركيا بتمويله كشريك أساسي، سيحوي حوالي 200 مصنع وسيوفر فرص عمل ل 10,000 عامل فلسطيني، وقد قالت مصادر تركية أن الهدف من بناء هذه المدينة الصناعية في الضفة الغربية (وبمنتهى الصراحة) هو محاولة استغلال "اليد العاملة الرخيصة" من أجل إنتاج مصنوعات تضاهي أسعار البضائع الصينية الرخيصة! ووعدت تركيا بتصدير بضائع مصانعها للخليج وأوروبا وأمريكا. من المثير للانتباه أيضاً أن الأمن الداخلي لهذه المنطقة الصناعية والتي سيتم اقتطاع الأراض التي سثُقام عليها من الضفة الغربية سيكون بين الحكومة التركية وحدها، بينما ستؤمن سلطة أوسلو وكيان الاحتلال المدينة الصناعية من الخارج.
المنظقة الصناعية في إيرز (شمال قطاع غزة):
في عام 2005 عُقد بين عدة رجال أعمال أتراك وفلسطينيين و "إسرائيليين" (بعد انسحاب الجيش الصهيوني من غزة ضمن خطة فك الارتباط أحادي الجانب) تحالف اقتصادي تحت مسمى "منتدى أنقرة" .. اجتمع هذا المنتدى في واشنطون بالولايات المتحدة وأعلن نيته القيام بإعادة إحياء المنطقة الصناعية في إيرز والتي تم إغلاقها بسبب عدم توفر العمالة الفلسطينية والتي توقفت عن التدفق عبر إيرز بسبب الانتفاضة، خصص المنتدى للمشروع حوالي 25 مليون دولار وسيقوم بتنفيذ مشاريع تستفيد من العمالة الفلسطينية الرخيصة أيضاً وستوظف حوالي 10,000 عامل وسيتم تصدير البضائع التي تنتجها لأمريكا وأوروبا كذلك، بالطبع، فإن أي مصنع أو شركة تنتج بضائعها داخل كيان الاحتلال فإنها تحصل على إعفاءات بخصوص رسوم الضرائب والجمارك عند تصديرها للولايات المتحدة أو دول الاتحاد الأوروبي، تبرعت الـ US-AID كذلك بمبلغ مليوني دولار من أجل مد جسر آمن بين المنطقة الصناعية والأراضي المحتلة من أجل تسهيل وصول البضائع "التركية" المُصنَّعة في إيرز إلى موانئ التصدير، وقد تم إفشال الاتفاق بخصوص هذه المدينة الصناعية (والتي ستخضع أيضاً لحراسة أمنية تركية-فلسطينية-إسرائيلية مشتركة حسب الاتفاق) بسبب سيطرة حماس على قطاع غزة.
مزيد من التفاصيل: راجع ص ص 118-123، في هذا المرجع القيِّم (فلسطين وطن للبيع-خليل نخلة) سيجد القارئ معلومات وافرة عن مشاركة الحكومة التركية في مخططات "السلام الاقتصادي" التي اقترحها سلام فياض كأساس لاستمرارية ونجاح العملية السلمية وقت رئاسته للوزراء، كان فياض يرى أن اقتصاداً فلسطينياً ناجحاً ونامياً بمعدل متسارع سيعني تسهيلاً للوصول لسلام شامل وعادل مبني على أساس حل الدولتين، وقد كانت الحكومة التركية تنوي مساعد فياض، والحكومة الصهيونية، ورأسماليي بلادها أيضاً في ذات الوقت من أجل تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة من خلال مدن صناعية ينشؤها أتراك ويعمل بها فلسطينيون ويحرسها "اسرائيليون" وفلسطينيون جدد تقوم باستغلال العامل الفلسطيني من أجل خلق منافسة للمنتج التركي في وسط تسيطر عليه البضائع الصينية! يذكر نخلة أيضاً في كتابه أن هذه المصانع لن تمنح العمال الفلسطينيين أي حقوق حسب قانون العمل الفلسطيني، وسيكون دخولها والعمل بها مرتبطاً بالموافقة الأمنية الممنوحة من المخابرات الصهيونية وستقوم منتجاتها بتعزيز الاقتصادين التركي و "الاسرائيلي" ولن تساعد في تعزيز اقتصاد فلسطيني مستقل، والاهم من كل ذلك، أنها ستعزز من قيمة السلطة الفلسطينية كعميل أمني فرعي لدى الاحتلال، على حد قول نخلة نفسه.
كان ذلك في الفترة ما بين 2005 - 2008، طُرحت بداية مبادرة مدينة إيرز الصناعية، ومن ثم طُرحت مبادرة مدينة ترقوميا الصناعية بعد فشل امكانية تنفيذ المبادرة الأولى، وبقيت هذه المبادرات معلقة إلى أن ارتكب الجيش الصهيوني المجزرة البشعة بحق ركاب مافي مرمرة من المتضامنين مع قطاع غزة، اليوم، عادت أو ستعود المياه التركية-"الاسرائيلية" إلى مجاريها، وستعود هذه المشاريع إلى الطاولة مرة أخرى وربما كانت جزءاً أساسياً من الاتفاق، جزءاً أدى إلى حذف شروط تركيا المعلنة بخصوص الحصار على غزة وبناء مينائها البحري، واستبدالها بهدف رئيسي أكثر أهمية بالنسبة لحكومة العدالة والتنمية، هو الهدف الاقتصادي.
استعراض للأحداث:
ماذا حدث بعد الهجوم؟
بخلاف قطع العلاقات، تزايدت قوة العلاقة بين حركة حماس وحكومة العدالة والتنمية التي تحكم تركيا منذ سنوات طويلة، استخدمت تركيا هذه العلاقة كورقة ضغط على كيان الاحتلال، بالطبع، هناك حدود لا يستطيع الأتراك تخطيها، ولذا عندما صرَّح أحد قادة حركة حماس المقيمين في تركيا علناً بتمويل حركته لعملية خطف المستوطنين الثلاثة في الخليل في الثاني عشر من يونيو 2014، وقعت الحكومة التركية في حرج وخطر اتهامها باحتضان داعمين وممولين لـ "الإرهاب". أيضاً وضعت تركيا فيتو على مشاركة قوات الجيش الصهيوني في مناورات الناتو، وقام مراد علمدار (بولات آلمدار .. بالتركي) بعملية انتقامية واسعة قام خلالها بتجنيد جيش فلسطيني صغير بأسلحة مسروقة من مخازن "إسرائيلية" ودمر مطاراً عسكريا لقوات الاحتلال وهيكا يعني .. آه .. كاد ميماتي أن يفقد حياته خلال العملية بسبب رصاصة سببت له نزيفاً حاداً وكادت أن تسبب له تسمماً بالتيتانوس.
ماذا حدث أيضاً؟ أجل .. قام رجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء السابق والرئيس الحالي لدولة تركيا والمصاب بحساسية تجاه الصحافيين والأغاني الساخرة منه خصوصاً المُغنَّاة بالألمانية، بالإكثار من ذكر اسم فلسطين وغزة خلال المهرجانات الانتخابية التي أقامها العدالة والتنمية قبل عدة أحداث انتخابية خلال السنوات الماضية، سواء الرئاسية أو البرلمانية أو البلدية، والتي انتصر فيها العدالة والتنمية جميعاً.
اليوم قامت الحكومة التركية بتجاوز الماضي وفتح صفحة جديدة للعلاقات بينها وبين الحكومة الصهيونية. خلال الفترة الماضية راهنت قيادات من حركة حماس على تركيا ومفاوضات إعادة تطبيع العلاقات التي تجريها مع "الاسرائيليين" وذلك لأن تركيا وعدت سرّاً وعلانيةً بأن أحد أهم شروطها لإنجاز هذا الاتفاق هو رفعٌ كاملٌ للحصار عن غزة وبناء ميناء بحري بالإضافة إلى أخبار تحدثت عن وصاية تركية على القطاع لم تُحدد معالمها بشكل واضح، وقد أعلنت كل من مصر وحكومة سلطة أوسلو رفضها القاطع لها، في الواقع، كان قادة حماس يشعرون بالحماسة الشديدة بخصوص المفاوضات لدرجة أنهم كانوا يتوكلون بالتصريح لوسائل الإعلام بخصوص تقدمها وتفاصيلها. وبأي حال، فكل هذه الوعود السرابية راحت أدراج الرياح - على ما يبدو - وقد تم الاتفاق بين الطرفين بحسب الاعلام العبري بدون أي ذكر لغزة والحصار المفروض عليها ولا الوصاية الأمنية للأتراك التي تم الحديث عنها.
لكن، ماذا تريد تركيا من غزة، وماذا تريد من "إسرائيل"؟ ولماذا تعتبر تركيا إعادة تطبيعها للعلاقات مع كيان الاحتلال أمراً ضرورياً؟
أجل .. تركيا ترى تطبيع العلاقات مع كيان الاحتلال أمراً حيوياً وضرورياً، لقد ساعدت تركيا بالدفع نحو إنجاح المفاوضات خطوةً للأمام برفعها للحظر المفروض على مشاركة الجيش الصهيوني بمناورات الناتو والحظر المفروض على انشاء مكتب دائم لكيان الاحتلال لدى الناتو أيضاً، لا ننسى الكيان الصهيوني قام بالاعتذار للحكومة التركية عن الهجوم على مافي مرمرة ووعد بدفع تعويضات لعائلات الشهداء الذي سقطوا خلال الهجوم على السفينة، وربما كان هذا الإعلان هو السبب الرئيسي لبداية مفاوضات استئناف العلاقات الثنائية بين الجهتين مرة أخرى.
لم تُقدم بعد إجابة على السؤال الذي طُرح قبل الفقرة السابقة، لماذا تعتبر إعادة العلاقات مع كيان الاحتلال أمراً ضرورياً للحكومة التركية؟
أظن أن أول ما سيقفز للذهن عند التفكير بإجابة هذا السؤال هو الحديث عن ضغوطات أمريكية وأوروبية على تركيا لإعادة علاقاتها مع كيان الاحتلال، لكن هذه التدوينة ستفضل أن تقوم بمشاركة القارئ بمعلومات عن تفاصيل لاتفاقات سابقة تمت صياغتها بشكل مبدأي بين الحكومتين التركية والصهيونية تُعطي مثل هذا الاتفاق بعداً اقتصادياً مهماً.
المنطقة الصناعية في ترقوميا (الخليل):
في شهر مارس من العام 2008 وأثناء اجتماع تفاوضي عُقد في القدس بين ثلاثة أطراف، كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية، إيهود باراك وزير الدفاع الصهيوني، سلام فياض رئيس وزراء سلطة أوسلو، طُرح مشروع إنشاء المدينة الصناعية في بلدة ترقوميا (جنوب الضفة الغربية - محافظة الخليل) .. تم تقديم هذه المنطقة الصناعية الجديدة باعتبارها مشروعاً سيساهم في بناء الثقة بين سلطة أوسلو وكيان الاحتلال وقامت اللجنة الرباعية بالترويج لها باعتبارها مشروع ذو تأثير سريع على خطة سلام فياض التنموية. هذا المشروع، ستقوم تركيا بتمويله كشريك أساسي، سيحوي حوالي 200 مصنع وسيوفر فرص عمل ل 10,000 عامل فلسطيني، وقد قالت مصادر تركية أن الهدف من بناء هذه المدينة الصناعية في الضفة الغربية (وبمنتهى الصراحة) هو محاولة استغلال "اليد العاملة الرخيصة" من أجل إنتاج مصنوعات تضاهي أسعار البضائع الصينية الرخيصة! ووعدت تركيا بتصدير بضائع مصانعها للخليج وأوروبا وأمريكا. من المثير للانتباه أيضاً أن الأمن الداخلي لهذه المنطقة الصناعية والتي سيتم اقتطاع الأراض التي سثُقام عليها من الضفة الغربية سيكون بين الحكومة التركية وحدها، بينما ستؤمن سلطة أوسلو وكيان الاحتلال المدينة الصناعية من الخارج.
المنظقة الصناعية في إيرز (شمال قطاع غزة):
في عام 2005 عُقد بين عدة رجال أعمال أتراك وفلسطينيين و "إسرائيليين" (بعد انسحاب الجيش الصهيوني من غزة ضمن خطة فك الارتباط أحادي الجانب) تحالف اقتصادي تحت مسمى "منتدى أنقرة" .. اجتمع هذا المنتدى في واشنطون بالولايات المتحدة وأعلن نيته القيام بإعادة إحياء المنطقة الصناعية في إيرز والتي تم إغلاقها بسبب عدم توفر العمالة الفلسطينية والتي توقفت عن التدفق عبر إيرز بسبب الانتفاضة، خصص المنتدى للمشروع حوالي 25 مليون دولار وسيقوم بتنفيذ مشاريع تستفيد من العمالة الفلسطينية الرخيصة أيضاً وستوظف حوالي 10,000 عامل وسيتم تصدير البضائع التي تنتجها لأمريكا وأوروبا كذلك، بالطبع، فإن أي مصنع أو شركة تنتج بضائعها داخل كيان الاحتلال فإنها تحصل على إعفاءات بخصوص رسوم الضرائب والجمارك عند تصديرها للولايات المتحدة أو دول الاتحاد الأوروبي، تبرعت الـ US-AID كذلك بمبلغ مليوني دولار من أجل مد جسر آمن بين المنطقة الصناعية والأراضي المحتلة من أجل تسهيل وصول البضائع "التركية" المُصنَّعة في إيرز إلى موانئ التصدير، وقد تم إفشال الاتفاق بخصوص هذه المدينة الصناعية (والتي ستخضع أيضاً لحراسة أمنية تركية-فلسطينية-إسرائيلية مشتركة حسب الاتفاق) بسبب سيطرة حماس على قطاع غزة.
مزيد من التفاصيل: راجع ص ص 118-123، في هذا المرجع القيِّم (فلسطين وطن للبيع-خليل نخلة) سيجد القارئ معلومات وافرة عن مشاركة الحكومة التركية في مخططات "السلام الاقتصادي" التي اقترحها سلام فياض كأساس لاستمرارية ونجاح العملية السلمية وقت رئاسته للوزراء، كان فياض يرى أن اقتصاداً فلسطينياً ناجحاً ونامياً بمعدل متسارع سيعني تسهيلاً للوصول لسلام شامل وعادل مبني على أساس حل الدولتين، وقد كانت الحكومة التركية تنوي مساعد فياض، والحكومة الصهيونية، ورأسماليي بلادها أيضاً في ذات الوقت من أجل تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة من خلال مدن صناعية ينشؤها أتراك ويعمل بها فلسطينيون ويحرسها "اسرائيليون" وفلسطينيون جدد تقوم باستغلال العامل الفلسطيني من أجل خلق منافسة للمنتج التركي في وسط تسيطر عليه البضائع الصينية! يذكر نخلة أيضاً في كتابه أن هذه المصانع لن تمنح العمال الفلسطينيين أي حقوق حسب قانون العمل الفلسطيني، وسيكون دخولها والعمل بها مرتبطاً بالموافقة الأمنية الممنوحة من المخابرات الصهيونية وستقوم منتجاتها بتعزيز الاقتصادين التركي و "الاسرائيلي" ولن تساعد في تعزيز اقتصاد فلسطيني مستقل، والاهم من كل ذلك، أنها ستعزز من قيمة السلطة الفلسطينية كعميل أمني فرعي لدى الاحتلال، على حد قول نخلة نفسه.
كان ذلك في الفترة ما بين 2005 - 2008، طُرحت بداية مبادرة مدينة إيرز الصناعية، ومن ثم طُرحت مبادرة مدينة ترقوميا الصناعية بعد فشل امكانية تنفيذ المبادرة الأولى، وبقيت هذه المبادرات معلقة إلى أن ارتكب الجيش الصهيوني المجزرة البشعة بحق ركاب مافي مرمرة من المتضامنين مع قطاع غزة، اليوم، عادت أو ستعود المياه التركية-"الاسرائيلية" إلى مجاريها، وستعود هذه المشاريع إلى الطاولة مرة أخرى وربما كانت جزءاً أساسياً من الاتفاق، جزءاً أدى إلى حذف شروط تركيا المعلنة بخصوص الحصار على غزة وبناء مينائها البحري، واستبدالها بهدف رئيسي أكثر أهمية بالنسبة لحكومة العدالة والتنمية، هو الهدف الاقتصادي.