الاستعمار البريطاني في الجزيرة (1): الدور البريطاني في الخليج والعلاقات مع الكويت

(1)

كان وصول الأسطول البرتغالي بقيادة (ألفونسو دي ألبوكيرك) و(توسانا دي كونها) في بداية القرن السادس عشر إلى أرخبيل سقطرى اليماني عند المفتتح الجنوبي للبحر الأحمر هو البداية الأولى لاحتكاك المجال العربي الشرقي بالاستعمار الأوروبي الحديث، استطاع هذا الأسطول المكون من ستة سفن من السيطرة على سقطرى في 1505م ومن ثم أبحر إلى مدينة مسقط على الساحل العماني، واستطاع احتلالها في 1507م، واستمر بالإبحار حتى وصل إلى جزيرة هرمز وسط الخليج الفارسي حيث احتلها وأسس فيها قلعة حصينة كانت مركزاً لمملكة قوية في الخليج بساحليه الشرقي والغربي، لكنها لم تعمِّر طويلاً بسبب عدم قدرتها على كبح جماح الثورات العربية التي طلبت العون من الوالي العثماني في بغداد وأعلنت ولائها للدولة العثمانية في مقابل مساعدتها في دحر الاحتلال.

كانت الامبراطورية البرتغالية، والتي اكتشفت طريق رأس الرجاء الصالح الملاحي قبل وصول قواتها إلى الخليج بعدة سنوات فقط، كانت قد وضعت خطة من أجل مد خط تجاري بحري يربط بين (لشبونة) و(ناغازاكي)، حيث قام الكشافة البرتغاليون باستطلاع الأماكن المناسبة لبناء قلاع برتغالية تمثل محطات توقف وتزود بالمؤن لصالح السفن التجارية والحربية البرتغالية، ولم تغفل البرتغال بالتأكيد عن الأهمية الاستراتيجية التي يمثلها الخليج الفارسي بساحليه بسبب دوره الهام في التجارة الدولية ولكون موانئه تشكل محطات توقف للشحن والتفريغ لحركة البضائع من جنوب آسيا إلى أوروبا، جنبا إلى جنب مع الموانئ العربية الأخرى على البحر الأحمر، إضافة إلى كون الموقع الجغرافي للخليج يمثل مكاناً مناسباً كقاعدة للانطلاق للسيطرة على مستعمرات جديدة لصالح الامبراطورية في جنوب آسيا وللمساهمة في تأمينها عسكرياً.

اضمحلت القوة البرتغالية في الجزيرة العربية والخليج الفارسي تدريجياً، ونشب صراع شرس بينها وبين الدولة العثمانية على جبهة الخليج الفارسي من جهة، وجبهة البحر الأحمر والقرن الأفريقي من جهة أخرى، كما تعرضت سلطتها المركزية في لشبونة للضعف بسبب خضوعها سياسياً للسيادة الاسبانية (إبان فترة الاتحاد الأيبري) وتعرض هذا الاتحاد ومصالحه الخارجية إلى هجمات منظمة من فرنسا وهولندا وإنجلترا أدت لضعف سيطرته على الأراضي التي يحتلها بما فيها أراضي الجزيرة العربية والتي خضعت فيما بعد للسيطرة العثمانية، حيث أعلن الباب العالي عن تشكيل إيالة (ولاية) في الأحساء عام 1560م شملت عدة مناطق في نجد والساحل العربي للخليج، تم حلها فيهما بعد وضمها إلى إيالة بغداد، ومن ثم فصلت عن بغداد مع جنوب العراق لتُشكَّل إيالة البصرة.

وفي بدايات القرن السابع عشر، كانت القوة التجارية الانجليزية الرئيسية في جنوب آسيا، ممثلة بشركة الهند الشرقية البريطانية قد نمت بشكل متزايد ومتسارع، إذ أصبح للشركة موطئ قدم في فارس واستطاعت الحصول على امتياز نصف عائدات ميناء بندر عباس على الخليج الفارسي سنة 1617م، وذلك في مقابل حماية فارس من الهجمات البرتغالية، ونما التنافس بين الشركة وسميَّتها الهولندية (شركة الهند الشرقية الهولندية) بعد عقود من التعاون من أجل تحجيم البرتغاليين والإسبان في جنوب آسيا، وقد شكل وصول الشركة البريطانية إلى بندر عباس أول تواجد بريطاني فعلي (وإن كان تواجدًا غير رسمي) في الخليج. 

بعد عدة سنوات، وفي 1635م تحديداً، قامت الشركة بإرسال أول سفينة تجارية لها إلى ميناء البصرة، وعملت منذ ذلك الوقت على تأسيس مركز دائم لها في المدينة، وقامت بافتتاحه في 1643م. بعد عدة عقود وفي 1670م، حصلت الشركة على امتياز من الملك تشارلز الثاني يتيح لها التصرف كدولة كاملة السيادة على مناطق تجارتها، فأصبحت تمتلك بشكل رسمي حق تشكيل أساطيل عسكرية، وإقامة حصون وقلاع وخوض حروب أو عقد معاهدات سلام مع أي دول (أوروبية أو غير أوروبية) دون الرجوع للملك ودون الحصول على موافقته.

استمرت الشركة في إدارة التجارة الخارجية البريطانية في جنوب آسيا نيابة عن التاج البريطاني حتى العام 1857، حيث قامت القوات الهندية التابعة للشركة بشن ثورة ضدها وضد نفوذها في شبه القارة الهندية، وعلى إثر تلك الثورة تدخلت الحكومة البريطانية وسيطرت على الأمور وقامت بحل الشركة وتسلمت حكومة الهند البريطانية مكاتب الشركة الرئيسية في الهند.

(2)

مع بداية القرن التاسع عشر كانت قد اتضحت صورة الجزيرة العربية كمنطقة منقسمة بين قوتين دوليتين تضع كل واحدة منهما يدها على جزء من المنطقة، كانت الحجاز - من الناحية الرسمية والفعلية - إيالة تابعة للباب العالي منذ اللحظة الأولى لسقوط الدولة المملوكية في مصر بعد معركة الريدانية في يناير 1517م، وقد ظلت الحجاز تحظى بمكانة خاصة لدى الباب العالي بسبب مكانتها الدينية والاقتصادية بسبب عائدات موسم الحج وكانت الأراضي التي تلي الحجاز جنوباً (عسير واليمن) تتبع تلقائيا لسلطة الباب العالي على الرغم من أنها خاض حروبًا شرسة من أجل إخضاعها وإخماد ثوراتها المستمرة في القرن التاسع عشر، إضافة إلى حصول الدولة العثمانية على موطأ قدم مهم في نجد تمثل في ولاء أمراء حائل من آل الرشيد، والذين كانوا عوناً دائماً للدولة العثمانية في معاركها ضد الدولة السعودية الثانية، وسبباً رئيسياً في إنهائها. 

كان الباب العالي قد خسر إيالة الأحساء عام 1670م واضطر لتفكيكها، فيما قامت بريطانيا بتوفير رعاية وغطاء سياسي للمشيخات والإمارات التي عادت لتحتل مكان النفوذ العثماني المتراجع. بالطبع فقد عادت بعض هذه المناطق للسيطرة العثمانية في الربع الأخير من القرن التاسع عشر، بعد حملة مدحت باشا، الوالي العثماني في بغداد والتي تمت بمساعدة شيخ الكويت في ذلك الوقت عبد الله آل الصباح، وقد ألحقت الدولة العثمانية المناطق التي سيطرت عليها، في الأحساء والقطيف بإيالة بغداد، ثم فصلتها وألحقتها بولايتها المعاد تشكيلها في البصرة، كما منحت رأس العائلة الحاكمة في كل من قطر والكويت منصب قائمقام.

أما على الجانب البريطاني، فقد أبقت حكومة الهند البريطانية، مندوباً دائماً يمثلها في المنطقة، ويتعهد برعاية تجار بلاده ويسهل لهم أمورهم، كما يقوم بمراقبة حثيثة للوضع السياسي في المنطقة ويعقد الاتفاقيات باسم بريطانيا مع الأمراء والشيوخ لمنعهم من مهاجمة السفن التجارية وتأمين أعمالها في موانئهم، كما كان يتكفل بصرف جُعلٍ شهري لبعض الأمراء أو شيوخ القبائل لضمان ولائهم للحكومة البريطانية، ولضمان بقاء منطقة نفوذه بعيدة عن يد الباب العالي الذي كان يحاول استمالة شيوخ وأمراء القبائل بذات الطريقة أحياناً. هذه الصلاحيات للمندوب البريطاني في الخليج أعطته مع مرور الوقت نفوذاً سياسياً قوياً على الإمارات والمشيخات التي يمثل بريطانيا لديها، بحيث أصحبت كلمته ومشورته هي الرأي الفصل في كل حدث سياسي هام يجري في المنطقة، وتُفرض رغبته، باعتباره رغبة الحكومة البريطانية، على كل الفرقاء، بما يتناسب أولاً وأخيراً مع المصلحة البريطانية تجارياً واقتصادياً أو سياسياً. بالتأكيد، فقدت بريطانيا شيئاً من اهتمامها بمنطقة الخليج الفارسي تجارياً بسبب افتتاح قناة السويس لعدة عقود، ولكن مع تصاعد التوتر السياسي في بداية القرن العشرين عادت المنطقة إلى واجهة الأحداث كمسرح للتنافس الإنجلو-عثماني وبلغت الأحداث ذروتها مع بداية الحرب العالمية 1914.

من الأمثلة على التدخل البريطاني في شؤون الإمارات العربية في الخليج علاقتها القوية مع إمارة أبو ظبي تحت زعامة الشيخ خليفة بن شخبوط خلال القرن التاسع عشر، تدخلت بريطانيا في إمارة أبو ظبي وفرضت على أميرها خليفة بن شخبوط معاهدة هدنة أوقف بموجبها قرصنة السفن التابعة لإمارته وأعمالها العدائية ضد سفن بريطانيا وأسطولها التجاري في الخليج، أوكل خليفة وابنه زايد من بعده جل أمر إمارتهما وشؤونها السياسية لوكلاء بريطانيا في المنطقة، ولم يقدرا يوماً على قطع أمر إلا بعد استشارتهم وأخذ موافقتهم حتى عندما تعلق الأمر أحياناً بشؤون إمارته الداخلية، فعندما هاجرت عشيرة (بو فلاسة) من أبو ظبي إلى دبي وقاموا بتأسيس إمارة جديدة هناك في 1833، دعمت بريطانيا هذا الانفصال ووفرت الحماية لهم من خليفة وأمرته بعدم التعرض لهم، وكادت أن تكرر الأمر مرة أخرى عندما هاجرت عشيرة القبيسات من أبو ظبي إلى مدينة العديد ثلاث مرات متتالية، في 1835 و 1849 و 1869، ولكنها فشلت بسبب ضعف القبيسات وصغر تعداد قبيلتها وعدم قدرتهم على حماية أنفسهم، فكانت تسمح لأمير أبو ظبي، بعد التأكد من عدم قدرت القبيسات على إنجاح مشروعهم الانفصالي، على إعادة العشيرة مرة أخرى إلى أبو ظبي وإدخالهم في طاعته مجدداً، ويكفي أن نذكر أن زايد بن خليفة قد استغرق أكثر من ثلاثة سنوات (1869 - 1872) حتى تمكن من إقناع المقيم البريطاني في الخليج بالتدخل وإعادة عشيرة القبيسات لأبو ظبي مرة أخرى بعد هجرتهم الثالثة، ولم يتحرك مطلقاً خلال هذه السنوات الثلاثة بأي تحرك عدائي ضدهم منتظراً الضوء الأخضر البريطاني، ولم تسمح له بريطانيا باتخاذ أي خطوة إلا عندما تأكد لها أن القبيسات قد بدأوا بالفعل اتصالهم بالدولة العثمانية وأنهم أعلنوا ولائهم لها.

سينتقل المقال الآن لنقاش العلاقات بين بريطانيا وإمارة الكويت في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وسيكمل الجزء التالي منها عرض بداية تأسيس العلاقة بين بريطانيا وآل سعود في نجد، فيما سيُترك الجزءان الثالث والرابع منها لاستعراض التدخل البريطاني في العلاقات الكويتية السعودية خلال النصف الأول من القرن العشرين وتأثير بريطانيا على كلا الدولتين.

(3)

بدأت أسرة الصباح المتفرعة من قبيلة (عنزة) العربية النجدية حكمها للكويت عام 1752، وكان حاكمها الأول صباح الأول بن جابر الصباح قد تعيينه حاكما على المنطقة بالتوافق بينه وبين العشائر الأخرى، وقد اعترفت الدولة العثمانية وواليها بالبصرة بصباح كحاكم للكويت ومنحته منصب قائمقام. من المهم معرفة أن الكويت لم تخضع في عهد آل الصباح للحكم المباشر للدولة العثمانية، رغم أنها احتفظت بعلاقات طيبة مع العثمانيين وقامت بمد يد المساعدة لإيالتي بغداد والبصرة (في عهدها الأول والثاني) عسكرياً وسياسياً، وكان رهان الصباحيين دوماً على العثمانيين كقوة دولية توفر لهم الغطاء السياسي لعلاقاتهم التجارية والحماية وقت الحاجة والشرعية للحكم بصفتهم ممثلين للخلافة الإسلامية، وعلى سبيل المثال، فقد شارك عبد الله الثاني بن صباح الصباح (الحاكم الخامس للكويت، توفي في 1892) في حملة والي بغداد مدحت باشا على القطيف والأحساء سنة 1871 بتوفير الأسطول اللازم لنقل المؤن والذخائر بصفته قائمقام عثماني، رغم كونه أول حاكم كويتي على الإطلاق يخالف التقاليد العثمانية ويصك عملة محلية عليها اسم الكويت.

انتقل الحكم بوفاة عبد الله الثاني المذكور بعاليه إلى أخيه محمد بن صباح الصباح والذي أشرك معه أخاه جرَّاح في الحكم استرضاءً له ومنعاً للفتنة، وبقي كلاهما على عهد الأسرة أوفياء للدولة العثمانية رافعين علمها على إمارتهم ومقر حكمهم، وقد رفض كلاهما، بناء على نصيحة مستشارهما السياسي يوسف الإبراهيم، تدخلات المقيم السياسي البريطاني في الخليج في شؤون إمارتهم الداخلية، رغم ترحيبهم بالتجارة مع بريطانيا وحكومتها في الهند، فوجهت بريطانيا نظرها ناحية أخيهم غير الشقيق مبارك والذي كان ناقماً على أخويه لعدم إشراكهم له في الحكم، فقامت بدعوته إلى بومباي وأغدقت عليه بالهدايا ووعدت بحمايته في حالة تولى الحكم في الإمارة، عاد مبارك إلى الكويت ولم يلبث سوى قليل من الوقت قبل أن يغدر بأخويه محمد وجراح ويغتالهما في السابع عشر من مايو 1896 ليقفز بسهولة على كرسي الحكم.

التجأ أبناء محمد وجراح إلى البصرة، وهرب المستشار السياسي للأمير السابق، يوسف الإبراهيم، إلى قائمقامية قطر التي كانت خاضعة للسيادة العثمانية، وأخذ يتنقل بينها وبين الأحساء وحائل والبصرة محرضاً على مبارك ومتهماً إياه بالولاء للبريطانيين، وبأن تدخلاً عسكرياً ضد الكويت بات في حكم الحتمي لتلافي خسارتها لصالح أعداء الباب العالي، يبدو أن الباب العالي وواليه في البصرة قد فضَّلا التريث ليقينهما أن بريطانيا لن تقدم على تدخل سافر في الكويت بهذه الصورة، وقد كان الباب العالي على حق جزئياً في ظنه، حيث أن بريطانيا كادت تنكث بوعدها لمبارك ورفضت بالبداية توقيع اتفاقية حماية تعترف فيها باستقلال الكويت كإمارة تحت الحماية البريطانية، وذلك رغم صراحة مبارك في تعبيره عن نفوره من العثمانيين عندما رفض استقبال حامية عسكرية عثمانية أو حتى مقيم دائم من الدولة إضافة إلى إنزاله للعلم العثماني واستبداله بعلم خاص بالكويت.

لقد رأت بريطانيا أن أي تدخل سافر في شؤون الكويت سيؤذي علاقتها الديبلوماسية بالباب العالي وهو ما حاولت دوماً أن تتحاشاه بسبب علاقاتها التجارية المتشعبة مع مختلف إيالاتها، لكن المقيم السياسي البريطاني في مدينة بوشهر أصر على حكومته في بومباي أن تعجل بتوقيع الاتفاقية مع مبارك بسبب تزايد الضغوط العثمانية عليه وازدياد التحديات التي يواجهها من الأمراء والشيوخ المحليين الموالين للباب العالي والتي ستعني بدون شك خسارة بريطانيا لميناء الكويت وأسواقها وطرقها التجارية، وأما عن خشية الحكومة البريطانية من توتر العلاقات مع الدولة العثمانية فكان الحل أن يتم التكتم على المعاهدة مبدئياً ولا يتم الإعلان عنها إلا وقت الحاجة، أي عندما يتعرض حكم مبارك في الكويت لتهديد وجودي، وبالفعل، وقعت حكومة الهند البريطانية مع الشيخ مبارك الصباح معاهدة في الثالث والعشرين من يناير 1899 أصبحت بموجبها الكويت محمية بريطانية، وقد نصت أهم بنودها على أن تبقى المعاهدة سرية، وألا تستقبل الكويت مبعوثاً لأي دولة أجنبية بدون موافقة بريطانية، وأن لا يقوم الأمير مبارك ولا أولاده من بعده بالتصرف في أي جزء من أراضِ الكويت ومناطق نفوذها بالبيع أو التأجير أو التنازل بدون علم بريطانيا وموافقتها، وتعهدت بريطانيا بحماية حكمه في الكويت وحماية أملاكه وأملاك عائلته في البصرة والتزمت بدفع مبلغ 15 ألف روبية شهرياً لخزينة الكويت.

لقد طمحت الدولة العثمانية في جعل الكويت آخر محطات مشروع سكة حديد برلين-بغداد الذي ربط ألمانيا بأقاليم الدولة العثمانية، ولذا فقد اكتسبت الكويت بالنسبة للباب العالي أهمية مضاعفة وصممت على استعادة الإمارة لسلطتها بأي طريقة كانت، وبناء عليه فقد بدأ العثمانيون عدة جولات من المحادثات الديبلوماسية بواسطة مندوبين من إيالة البصرة مع مبارك الصباح لإقناعه بالتراجع عن إجراءاته العدائية بحق الدولة العثمانية ورفضه للخضوع لسلطتها، فشلت الديبلوماسية في إقناع مبارك الذي اعتمد على حماية بريطانيا له واعترافها باستقلاله عن العثمانيين ضامناً بذلك تدخلهم في أي وقت يجبر فيه على المواجهة مع العثمانيين، أرسلت اسطنبول لمبارك مندوبين من البصرة بأوامر بترك مكانه في البصرة والتوجه إلى اسطنبول حيث سينتظره مقعد كممثل عن الكويت في مجلس المبعوثان، رحب مبارك بمندوبي اسطنبول ورفض أوامرهم وأخبرهم بأنهم مرحب بهم في الكويت في أي وقت طالما حضروا بدون أي قوة عسكرية. لم تلبث أخبار المعاهدة السرية بين الكويت وبريطانيا أن تسربت ووصلت إشاعات بخصوصها إلى الباب العالي، وعليه فقد  قررت الدولة العثمانية إجبار مبارك على التنحي عنوة وأرسلت له سفينة عسكرية انطلقت من ميناء البصرة مع أوامر بتنحيته وإلقاء القبض عليه، وذلك في الفاتح من ديسمبر 1901، ولكن البحرية البريطانية كانت لها بالمرصاد ومنعتها من الرسو في ميناء الكويت وأجبرتها على التراجع، وبعد أقل من عام، في نوفمبر 1902، أعلنت بريطانيا عن معاهدة الحماية التي أبرمتها مع مبارك وقام اللورد (جورج كورزون) نائب التاج البريطاني في الهند بالحضور إلى الكويت في زيارة تاريخية قضت نهائياً على أي أمل للعثمانيين باسترداد السيطرة على الكويت مرة أخرى.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق